This is a notification message.
عادت إذاعة دمشق، للبث المباشر، صباح الأول من يناير 2025، لأول مرة منذ سقوط النظام السابق يوم 8 ديسمبر الماضي، وبثت لأول مرة نشرة أخبار لا تتعلق بالأسد وإنجازات نظام الرئيس المخلوع، وحزب البعث.
وكانت الإذاعة قد توقفت عن البث بعد دخول المعارضة السورية المسلحة دمشق وإعلان سيطرتها على العاصمة، وإسقاط نظام الأسد، كما توقفت العديد من المؤسسات عن العمل.
وتناولت نشرة الأخبار الأولى، أخبار الرئيس السوري أحمد الشرع، واتصالات وزير الخارجية، وتطورات المشهد السوري الرسمي والشعبي والبيانات الصادرة عن الإدارة الجديدة، وما يهم المواطنين.
وبثت إذاعة دمشق، أغنية أصالة نصري الجديدة، "سوريا جنة"، التي أطلقتها قبل أيام، وتضمنت مقطعاً من أغنية "ارفع راسك فوق" التي يرددها المعارضون للنظام السابق منذ سنوات.
وتمتلك إذاعة دمشق جمهوراً كبيراً؛ بسبب طبيعة برامجها الثقافية والفنية المتنوعة، لكن جمهورها شهد انقساماً بعد احتجاجات العام 2011 في سوريا.
هنا دمشق
انطلقت إذاعة دمشق في السابعة من صباح الثالث من فبراير عام 1947، في شارع بغداد في العاصمة السورية، ببث لمدة ساعتين يومياً بالعربية الفصحى، ثم امتدت لساعات، وبدأت تغطي كافة الأراضي السورية مع جزء من أراضي الدول المجاورة، وهي ثانية إذاعة تأسست في الوطن العربي بعد صوت العرب في القاهرة.
بدأت الإذاعة إرسالها بصوت الأمير يحيى الشهابي معلناً "هنا دمشق"، لتستمر لعقود في عطاء مثمر، وكان لها دورها في نشر الثقافة والفنون والفكر إلى العالم أجمع. وواكبت منذ تأسيسها الأحداث العامة في الوطن العربي، وطرحت عبر أثيرها مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية السورية والعربية.
واستطاعت إذاعة دمشق خلال السنوات الأولى من تأسيسها التعبير عن أحوال الناس ومعيشتهم وطرح مختلف القضايا الاجتماعية بأسلوب طريف، من خلال أعمال درامية ساهم في تقديمها عدد من الفنانين الروّاد منهم، حكمت محسن، وأنور البابا، وتيسير السعدي، وفهد كعيكاتي، وأول صوت نسائي هدى الشعراوي، حيث كانت أعمالًا مميزة ومرتبطة بالأحداث التي تمر بها المنطقة العربية في ذلك الحين.
ثم جاء عام 1958 والوحدة بين سوريا ومصر، وقد كان لإذاعة دمشق النصيب الأكبر من ثمار هذه الوحدة، حيث تُوئِمت مع إذاعة القاهرة، التي كانت آنذاك من أهم وأكبر الإذاعات العربية، وقد استفادت إذاعة دمشق من هذه الخطوة، وأقامت المسابقات والدورات التدريبية، والتبادل الإعلامي بين الإذاعتين، وغيرها من الأنشطة الإذاعية بإشراف لجان مشتركة بينهما.
الانتداب الفرنسي
في السنوات الأخيرة من الانتداب الفرنسي على سوريا، تأسست بدمشق إذاعة محلية في ساحة النجمة سنة 1942 انتقلت ملكيتها للحكومة السورية عند جلاء الفرنسيين سنة 1946، فيها تدرب الجيل المؤسس من المذيعين والإعلاميين، ومنها تشكلت نواة إذاعة دمشق التي بدأت بثها في 3 فبراير 1947، وكان مديرها المؤسس الشاعر سليم الزركلي. انطلاق البث كان بصوت الإعلامي الأمير يحيى الشهابي بجملته الشهيرة:
أيها الشعب الكريم، يا شعب البطولات والتضحية، هذه إذاعتكم، إذاعة الجمهورية السورية من دمشق، إذاعة القومية العربية، إذاعة كل العرب، تنقل صوتها إليك في أعيادك، الإذاعة السورية في دمشق تتحدث إليك.
وفي عهد حسني الزعيم انتقلت إذاعة دمشق من شارع بغداد إلى مقرها الدائم في شارع النصر، بإدارة الإعلامي نشأت التغلبي في 30 مارس 1949.
برامج متنوعة
كانت الحكومة السورية تلجأ إلى إذاعة دمشق لتوعية الناس في شتى الأمور، واشتهرت الإذاعة ببرامجها الفنية والتمثيليات الفكاهية لفنانين كبار، مثل أنور البابا، الذي ظهر بشخصية "أم كامل" عبر الأثير قبل نقلها إلى شاشة التلفزيون سنة 1960، وكذلك فعل الفنان فهد كعيكاتي بشخصية "أبو فهمي."
ومن أشهر الأعمال الكوميدية التي عرفتها إذاعة دمشق في مرحلة الستينيات كان مسلسل "صابر وصبرية" للفنان تيسير السعدي وزوجته صبا المحمودي. واكتشفت مطربين سوريين أصبحوا نجوماً بفضل إذاعة دمشق، مثل كروان، وفتى دمشق، ورفيق شكري، إضافة لصباح فخري الذي كانت انطلاقته الأولى من إذاعة دمشق سنة 1948.
الوحدة مع مصر
مع قيام الوحدة بين سوريا ومصر سنة 1958 تُوئِمت إذاعة دمشق مع إذاعة القاهرة، التي كانت آنذاك من أهم وأكبر الإذاعات العربية.
من دمشق هنا القاهرة.. كي لا ينقطع صوت مصر
لمّا وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، دمرت إحدى الغارات الإسرائيلية هوائيات البث للإذاعة المصرية، فقد كان الرئيس المصري جمال عبدالناصر سيُلقي خطاباً للعالم والشعب المصري بعد كلمة "هنا القاهرة"، معتلياً منبر الجامع الأزهر.
أراد الاحتلال الإسرائيلي إسكات الصوت المصري، وإيقاف تغطيته للحرب، ومنع الناس من سماع خطاب عبدالناصر، فتوقفت الإذاعة المصرية عن الإرسال وتوقف بثها، ولم يستطع الناس الوصول إلى المعلومة من الإذاعة المصرية، ولم يقدروا على سماع أخبار الحرب.
وفي صباح الثاني من نوفمبر 1956، فوجئ السوريون بصوت المذيع عبدالبكار في إذاعة دمشق يقول "من دمشق.. هنا القاهرة". متابعاً "هنا القاهرة من دمشق.. هنا مصر من سوريا.. لبيك لبيك يا مصر".
صوت فلسطين
تضامناً مع فلسطين المحتلة وقضيتها، راحت إذاعات عربية تفتح أستوديوهاتها للإذاعات الفلسطينية كي تبث منها، حيث فتحت إذاعة دمشق أستوديوهاتها لـ"إذاعة فلسطين من دمشق" لتبث منها، فبدأت بثها في 15 أغسطس 1964، ثم تطورت وصارت باسم "صوت فلسطين".
وإيماناً من إذاعة دمشق بفلسطين وعدالة قضيتها، خصّصت برامج للحديث عن الأراضي المحتلة، كبرنامج إذاعة فلسطين، فتركت أثراً وجدانياً وعاطفياً عميقاً لدى السوريين في القضية الفلسطينية.
برامج الإذاعة
قدمت إذاعة دمشق عبر تاريخها العديد من البرامج والمسلسلات الإذاعية التي تجاوزت شهرتها حدود سوريا، منها برنامج "فكر تربح" لخلدون المالح، ومسلسل "حكم العدالة"، من تأليف المحامي هائل اليوسفي، وبطولة نخبة من فناني سوريا، ومسلسل "غوار والكنز"، بطولة دريد لحام، وبرنامج "مسابقات على الهواء"، تقديم طالب يعقوب، وبرنامج "المواطن والقانون" للمحامي نجاة قصاب حسن، وبرنامج "طبيبك خلف المذياع" للدكتور صبري القبان، وبرنامج "حكواتي الفن"، إعداد وتقديم رفيق سبيعي.
فيروز و"الأخوين الرحباني"
أول من اكتشف صوت فيروز في سوريا كان أحمد عسة مدير إذاعة دمشق، وكان ذلك في زمن الرئيس أديب الشيشكلي. أراد عسة تحويل إذاعة دمشق إلى مؤسسة ثقافية وفنية، ترعى المواهب الشابة وتستقطب البارزين من أهل الفن والفكر. بدأت الإذاعة في عهده ببث أغاني فيروز في الساعة السابعة من الصباح الباكر، وأوجدت عرفاً في سوريا لا يزال قائماً حتى يومنا هذا. ساهم صباح قباني في الترويج لفيروز والأخوين الرحباني أثناء إدارته برامج الإذاعة سنة 1953، وله يعود الفضل في شهرة عدد من الفنانين العرب، مثل عبدالحليم حافظ، ونجاح سلام، وغيرهما.
الانقلابات العسكرية
كانت إذاعة دمشق وقبل إطلاق التلفزيون السوري سنة 1960 أول أهداف كل الانقلابات العسكرية التي مرّت على سوريا ابتداء من حسني الزعيم في 29 مارس 1949، وصولاً للانقلاب على أديب الشيشكلي في 25 فبراير 1954.
سيق الأمير يحيى الشهابي مخفوراً لتلاوة البلاغ رقم واحد يوم انقلاب الزعيم على الرئيس شكري القوتلي، واعتقل مدير الإذاعة فؤاد الشايب لرفضه بث البيان، وفي عهد الشيشكلي، استخدمت إذاعة دمشق لإيصال خطبه إلى كل بيت سوري، وكان أول رئيس يستخدم الإذاعة لأغراض دعائية وسياسية.
تستقبل نساء غزة يوم الأم...
تواصل الآلة الإعلامية الإسرائيلية حربها...