نظّم المركز القطري للصحافة ، ندوة حول «الحرب الروسية الأوكرانية وأثرها على الاقتصاد العالمي»، بحضور عدد من مسؤولي المركز والمؤسسة القطرية للإعلام ورؤساء التحرير بالصحف المحلية، وذلك بالتعاون مع إدارة التطوير الإعلامي بالمؤسسة القطرية للإعلام، وقد شارك في الندوة الدكتور عبد الله الخاطر – الخبير الاقتصادي، والدكتور محمد الشرقاوي المحلل السياسي، والدكتور سلطان بركات الخبير الاستراتيجي، وقدمها محمد الأنصاري. وأكد الخبير الاقتصادي د. عبد الله الخاطر أنه عند النظر للتبعات الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية نجد أن لها أبعادًا غير متوقعة، من بينها الأمور السريعة والواضحة بشكل عام في جوانب الطاقة وسلاسل التوريد والآثار التي تبعتها من التضخم ورفع أسعار الفائدة وغيرها من الأمور لها تبعات على الاقتصاد العالمي.
وأشار إلى أنه بعد الأزمة تحرك الفيدرالي الأمريكي بصورة مفاجئة لرفع أسعار الفائدة، ما تسبب في صدمات متكررة على البورصات وعلى الاقتصادات. وأوضح د. الخاطر أن الحراك الأمريكي الأوروبي له دلالات كثيرة، وقد سعت أوروبا إلى تنويع الموردين من أجل تخفيض المخاطر، ما يخفف من المخاطر بشكل عام، مبينًا أن دولة قطر كان لها موقف إيجابي جدًا، فيما بعد حرب روسيا – أوكرانيا، حيث وجدنا أن شركات الطاقة الكبيرة تعود وتكون شريكة لدولة قطر في مشاريعها.
ونوه إلى أن قطر عززت استثماراتها في حقل الشمال، وقد سبقت العالم في هذا الجانب، ما كان سببًا في فائدة مركبة مضاعفة بالنسبة للدوحة، لأنها كانت جاهزة في اللحظة التي كان العالم فيها يبحث عن مصدر للطاقة، خاصةً الطاقة النظيفة. وقال د. الخاطر: إن قطر استثمرت على أسعار منخفضة مقارنةً بالعالم، خاصةً في وقت الأزمة، وطلبت قطر من 100 إلى 150 ناقلة للغاز المُسال، فكان الاقتصاد الكوري الجنوبي الأكثر استفادة من هذا الاستثمار، في الوقت الذي كان فيه الاقتصاد الكوري بحاجة لمثل هذه المشاريع.
وأضاف : قطر كانت جاهزة بالنسبة للغاز المسال، مع امتلاكها للبنية التحتية والهياكل والناقلات، فكانت قطر مستفيدة من الأحداث، وهذه الاستفادة لم يكن لها آثار في معدلات التضخم مثل ما حدث في العالم، فكانت المعدلات في العالم 9% و10%، في حين أنها في قطر بين 4% و5%. وأشار إلى أنه في الفترة التي شهدت الكثير من المشاريع في قطر، وكذلك كأس العالم 2022، حقق الميزان التجاري للدولة فوائض كبيرة، وتم ترقية قطر في الجدارة الائتمانية، في الوقت الذي توقع الكثيرون أن تحقق الدولة عجزًا بسبب الاستحقاقات. وأكد د. الخاطر أن معظم عناصر الاقتصاد يبدو أن إيقاعها إيجابي جدًا بالنسبة لدولة قطر والاقتصاد الوطني.
الديون العالمية
ومن جانبه قال الدكتور سلطان بركات: الحرب بين أوكرانيا وروسيا منذ 2010 وكانت هناك اتفاقيات بين الجانبين، إلى أن جاء الرئيس الأوكراني الحالي ونقض هذه الاتفاقيات، لأنها لم تكن عادلة بالنسبة للجانب الأوكراني، وروسيا منذ نهاية الحرب الباردة في موقف مهين، خاصةً مع التلاعب في الكثير من الأمور مثلًا نظام «سويفت».
وأشار د. سلطان بركات إلى أن الحرب تسببت في رفع أسعار الغذاء عالميًا بنسبة 14% تقريبًا، والتأثير لم يكن متساويًا بين كافة الدول، وهناك دول ارتفعت أسعار الغذاء فيها، وأخرى انقطع عنها الغذاء، منها الدول التي كانت تعتمد بصورة كبيرة على الواردات من طرفي الحرب. وأوضح أن تأثيرات الديون العالمية، وفي مقدمتها ديون الولايات المتحدة الأمريكية، والبالغة 38 تريليون دولار ومستمرة في الزيادة، وكذلك روسيا والصين وغيرها من الدول، وتأثير ذلك على الاقتصاد العالمي، مع الدور الذي يلعبه القطاع الخاص.
تحالفات جديدة
من جهته أكد الدكتور محمد الشرقاوي على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يحضر لاستراتيجية متوسطة وطويلة المدى، ففي 24 فبراير 2022، كان يعتقد أنه يمكن اقتلاع أوكرانيا خلال 48 ساعة، وينطلق في إعلان الاتحاد الروسي الجديد بعضوية روسيا وبلاروسيا وأوكرانيا، لكن لم تنجح هذه الاستراتيجية، فانتقل إلى أخرى.
وقال : لا شك أن الاستراتيجية البديلة فيها ما هو اقتصاد سياسي أكثر مما هو حرب تقليدية، لذا أرى في الحرب الأوكرانية حربين مختلفتين ولكنهما يعتبران حربين متوازيتين في مسارين متباعدين، فهناك المسار العسكري، لكن الحرب الحقيقية هي الحرب الاقتصادية السياسية.
وأوضح د. الشرقاوي أن هناك تقاربًا بين الصين وروسيا، ويمكن توسعة الدائرة إلى إيران، وبعض الدول التي أصبحت تدير ظهرها نسبيًا عن الولايات المتحدة، فجميعها تستغل ورقة الاقتصاد السياسي لتطويع الولايات المتحدة، بل العمل على زعزعة مركزية الدولار الأمريكي، كما نلاحظ حرص روسيا على تحريك ملفات بعض الدول واستمالتها. وأشار إلى أن الوساطة التركية نجحت في تأمين نصف الحل لأزمة الحبوب عالميًا، لأن الكرملين وافق على حركة السفن، ولكن ما حدث هو نصف حل لأن الاتفاق لـ 120 يومًا قابلة للتجديد، ليظل الكرملين ممسكًا بالحبل.