This is a notification message.

ندوة التحديات والتحالفات الاقليمية والدولة وانعكساهم على الأمن الخليجي

  • التاريخ: ٣١ يناير ٢٠٢٣, ٠٦:٣٠ص
  • نظم المركز القطري للصحافة بالتعاون مع إدارة التطوير الإعلامي بالمؤسسة القطرية للإعلام غداً الثلاثاء ندوة بعنوان "التحديات والتحالفات الإقليمية والدولية وانعكاسهم على الأمن الخليجي " يقدمها أ.د. عبدالله الشايجي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت.

المركز القطرى للصحافة

سُعدت بدعوة وحضور سعادة الشيخ خالد بن عبدالعزيز آل ثاني مدير إدارة التطوير الإعلامي في المؤسسة القطرية للإعلام، لتقديم محاضرة في المركز القطري للصحافة في الدوحة، بعنوان "التحديات والتحالفات الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن الخليجي" الأسبوع الماضي في الدوحة، بحضور رؤساء تحرير الصحف القطرية، وباحثين وأكاديميين وصحفيين. قدم للندوة الـسـيـد سـعـد بـن محمد الــرمــيــحــي، رئــيــس مـجـلـس إدارة المـركـز القطري للصحافة، وسُررت أن محاضرتي كانت ثاني ندوة يعقدها المركز القطري للصحافة، وبالتغطية الإعلامية الواسعة في الصحافة القطرية.

للفائدة سأورد أبرز محاور الندوة، وما لم أتمكن من طرحه بسبب محدودية الوقت. أكدت أن الهدف الرئيسي لبناء وتشكيل تحالفات هو تعزيز القوة المشتركة والأمن الجماعي وحماية الدول الأعضاء في التحالف للتصدي للتهديدات الأمنية بمختلف أنواعها وأشكالها وصولاً في أعلى درجاتها، توازن الرعب وردع الخصوم الحاليين والمحتملين. وهذا ما تؤكده نظريات التحالفات والأمن الجماعي-Alliances Theory وCollective Security Theory. ونحن للأسف لم ننجح في تحقيقه كعرب منذ توقيع اتفاق الدفاع العربي عام 1950، وقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981.

أكدت في ورقتي أنه على الرغم من تشكيل عدة تحالفات في النظام العربي بشكل جماعي على مستوى أقاليم العالم العربي، مجلس التعاون الخليجي، مجلس التعاون المغاربي، ومجلس التعاون العربي، ومجالس التنسيق بين دول عربية بشكل ثنائي، انتهت جميعها لنهاية مبكرة ولم تحقق أهدافها! بل تفكك واندثر بعضها. كمجلس التعاون العربي بين مصر والعراق والأردن واليمن نهاية ثمانينيات القرن الماضي. أو جُمدت وعُلّقت أنشطتها-مجلس التعاون المغاربي منذ ما يقارب ثلاثين عاماً. أو لم ترتق لأحلام ومطالب الشعوب الأمنية كمجلس التعاون الخليجي الذي أصيب بأكبر أزمة خليجية عصفت به لمدة ثلاث سنوات ونصف! لذلك فشلت التحالفات العربية في تحقيق أهدافها.

لكن برزت في السنوات الماضية تطورات وتحولات أعادت إحياء التحالفات. من أبرزها كما أكرر في محاضراتي انــكــفــاء وتــراجــع دور الولايات المتحدة وتكرار انسحاباتها وتخفيض أهمية ومكانة منطقة الخليج العربي أمام أولويات مواجهة الصعود الصيني على جميع الأصعدة واحتواء التمرد الروسي، هذا كان قبل حرب بوتين على أوكرانيا عام 2022، والانسحاب العسكري المرتبك والفوضوي من أفغانستان عام 2021. لذلك ساهم تخفيض الولايات المتحدة مكانة والحاجة إلى الطاقة الخليجية من نفط وغاز، بفضل نجاح أمريكا بفضل ثورة النفط والغاز الصخري لتصبح الدولة الرئيسية المنتجة للنفط والغاز الطبيعي، فانتفت حاجتها للنفط والطاقة الخليجية.

كما من المهم الإشارة، أن الانكفاء الأمريكي عن منطقتنا لم يبدأ في عهد الرئيس بايدن ولا بإدارة الرئيس ترامب، لكن بدأ الانكفاء في عهد الرئيس الأســبــق أوبـــامـــا رداً على مغامرات الرئيس بوش الابن وحروبه الاستباقية والعبثية واحتلاله العراق وأفغانستان والعبث بأمن المنطقة من أفغانستان إلى الخليج العربي.

كانت أحد أهداف حروب بوش الاستباقية والتي أكملها أوباما وترامب وقرر بايدن إنهاءها، إضعاف خصوم إسرائيل لخدمة أمنها حسب تفكير جماعة "المحافظين الجدد"، والتصدي للأنظمة الثورية، والتنظيمات الإسلامية المصنفة إرهابية.

كما عزز التطبيع مع إسرائيل فكرة التحالفات بين قوى إقليمية مثل إسرائيل والدول العربية المطبعة معها، والتنسيق العسكري بين دول عربية وتركيا. كان يؤمل أن تلعب مصر أكبر دولة عربية دور الحليف مع الدول العربية!

لكنني أطمئن بأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تنسحب عسكرياً من منطقة الخليج العربي كلياً وهذا غير وارد، ولكن ستنكفئ وتخفض من أهمية ومكانية المنطقة، ولكن لأن أمن الطاقة يحرك الاقتصاد العالمي الذي يضر ويهدد عدم الاستقرار في الخليج اقتصادها ومصالحها لذلك ستبقى في المنطقة بأعداد وتمركز أقل وستطالب بالمزيد من تقاسم المسؤوليات والمشاركة في تحمل الأعباء مع دول المنطقة (Burden-Sharing)، خاصة أنه لا بديل واقعيا عن الوجود العسكري الأمريكي، لعجز الصين وروسيا والهند وغيرهم عن توفير وملأ الفراغ، ولغياب قرار سياسي وغياب قدرة الانتشار القواعد العسكرية ومعدات عسكرية وقوات.

واقعياً لا يوجد بديل فعلي عن الحليف الأمريكي برغم انكفائها وتبدل أولوياتها، وانهماك إدارة بايدن بالاستدارة شرقاً لاحتواء الصين وتهديد روسيا للأمن الأوروبي انطلاقا من أوكرانيا. ويمكن التعامل مع الإدارة الأمريكية، عبر شـراء صفقات أسلحة واستثمارات، وكــذلــك عـبـر الــحــوارات الإسـتـراتـيـجـيـة، الـتـي تعقدها الإدارة الأمـريـكـيـة مـع دول الخليج.

وكما أكرر من يعولون على دور وحماية ووجود عسكري إسرائيلي تشارك في أمن الخليج العربي، كما روجت إدارة ترامب بالاتفاق الإبراهيمي وإدارة بايدن بدمج إسرائيل في الأمن الخليجي والأنظمة الصاروخية كما حاولت تسويقه في الصيف الماضي، فإنهم يراهنون على سراب، مآله الفشل. إسرائيل ليست في وارد الدفاع وإراقة دم جنودها في حماية الدول الخليجية. بل هدفها من التنسيق العسكري هو الاندماج للتصدي والاقتراب من حدود إيران واحتواء تهديدها للأمن الإسرائيلي. كما يستحيل دمــج إســرائــيــل فــي أي تحالفات عربية، بسبب الرفض الشعبي العربي. كما أنه ليس من مصلحة دولنا وشعوبنا اســتــفــزاز إيــــران باصطفافنا مع إسرائيل تفسرها إيران بتحالف معادٍ.

بغياب خيارات واقعية فعالة لأي تحالف إقليمي ومع تراجع الاهتمام الغربي وخاصة الأمريكي وعجز وغياب القرار السياسي وامكانيات الانتشار العسكري واللوجستي للصين وروسيا لتوفير مظلة أمنية فعالة، بل بات ضرورياً التعويل على التنسيق الأمني والدفاعي الخليجي الجماعي. وتشكيل جبهة خليجية موحدة، بعد أكثر من عامين من قمة العلا في السعودية والمصالحة الخليجية، التي تقترب من الاكتمال، بعد تحركات لافتة نشهدها مؤخراً. لذلك لم يعد ترفاً التخطيط الجدي والعمل على إقامة نظام دفاع صاروخي وإنذار مبكر يشمل ويغطي جميع دول مجلس التعاون الخليجي ويبني الثقة. وذلك بسبب فشل تجارب الـتـحـالـفـات وعقمها تاريخياً.